ما تجري معاملة تؤدّي إلى المحبّة والبغض، وهما خارجان عما يقتضيه المقام. أفاده السنديّ رحمه الله (?).
وقال ابن التين رحمه الله: المراد حبّ جميعهم، وبغض جميعهم؛ لأن ذلك إنّما يكون للدين، ومن أبغض بعضهم لمعنى يسوغ البغض له، فليس داخلًا في ذلك، وهو تقرير حسنٌ، كما قاله في "الفتح" (?).
(وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ أَبْغَضَهُ الله) قال القرطبيّ: هذا على مقابلة اللّفظ باللفظ، ومعناه أن من أحبّهم جازاه الله على ذلك جزاء المحبوب المحبّ من الإكرام، والترفيع، والتشفيع، وعكس ذلك في البغض، وظاهر هذا الكلام أنه خبرٌ عن مآل كلِّ واحد من الصنفين، ويصلح أن يُقال: إن ذلك الخبر خرج مخرج الدُّعاء لكلّ واحد من الصنفين، فكأنه قال: اللَّهُمَّ افعل بهم ذلك، كما قال: صلّى الله على محمّد وآله، والله أعلم، انتهى (?).
[تنبيه]: هذا الحديث مختصر، وقد ساقه الشيخان في "صحيحيهما" بتمامه، ولفظ البخاريّ من طريق حجاج بن منهال، عن شعبة: "قال النبيّ": "الأنصار لا يُحبّهم إِلَّا مؤمن، ولا يُبغضهم إِلَّا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله"، وفي حديث أنسٍ -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "آية الإيمان حبّ الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار"، وقد استوفيت ما يتعلّق بهذا الحديث من مباحث نفيسة فيما كتبته على النَّسائيّ، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(قَالَ شُعْبَةُ) بن الحجاج (لِعَدِيٍّ: أَسَمِعْتَهُ مِنَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؟) رضي الله عنهما (قَالَ) عديّ (إِيَّايَ حَدَّثَ) هذا تأكّد من شبعة رحمه الله، واستيثاق، لا شكّ في صدق