فتمسح بها الأيدي، وينفض بها الغبار عن البدن، ويُعطي به ما يُهدى في الأطباق، وتتخذ لِفافًا للثياب، فصار سبيلها سبيل الخادم، وسبيل سائر الثِّياب سبيل الخدوم، فإذا كان أدناها هكذا، فما الظَّنُّ بعلّيّتها. انتهى (?) (في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا) قال القرطبيّ رحمه الله: هذه إشارة إلى أدنى ثياب سعد؛ لأن المناديل إنّما هي مُمتهنة مُتخذةٌ لمسح الأيدي بها من الدنس والوسخ، وإذا كان هذا حال المنديل، فما ظنك بالعمامة والحلّة؟.
ولا يُظنّ أن طعام الجنّة وشَرابها فيهما ما يُدنّس يدَ المتناول حتّى يُحتاج إلى منديل، فإن هذا ظنّ من لا يعرف الجنّة، ولا طعامها، ولا شرابها؛ إذ قد نزّه الله الجنّة عن ذلك كلّه، وإنما ذلك إخبار بأن الله أعدّ في الجنّة كلّ ما كان يُحتاج إليه في الدنيا، لكن هي على حالة هي أعلى وأشرف، فأَعدَّ فيها أمشاطًا، ومَجَامرَ، وأُلُوّةً، ومناديل، وأسواقًا، وغير ذلك ممّا تعارفناه في الدنيا، وإن لم نحتج له في الجنّة إتمامًا للنعمة، وإكمالًا للمنّة. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثّانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (28/ 157) فقط، وأخرجه (البخاريّ) (3249) و (3802) و (5836) و (6640) و (مسلم) في (2468) و (الترمذي) (3847) و (النَّسائيُّ) في "فضائل الصّحابة" (8164) و (الطيالسيّ) في "مسنده" (710) و (ابن سعد) في "الطبقات" 3/ 435 و (أحمد) في "مسنده" في (18544) و (ابن حبّان) في