لأمر دنيويّ، كما قال تعالى: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبَى} الآية [الشورى: 23]، (وَلقَرَابَتِهِمْ مِنِّي) أي ولأجل قرابتهم من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن محبتهم ناشئة من محبته، ومحبته من أعظم شعب الإيمان، كما قال -رضي الله عنه- فيما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما": "لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين".

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى) في درجته:

حديث العبّاس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- هذا صحيح.

[فإن قلت]: كيف يصحّ، وهو مرسلٌ، فإن محمّد بن كعب لم يلقَ العبّاس -رضي الله عنه-؟.

[قلت]: إنّما صحّ بشواهده، فقد أخرج ابن أبي شيبة في "مصنّفه" رقم (32203) قال:

حَدَّثَنَا ابن نُمير، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضّحى مسلم بن صُبَيح، قال: قال العبّاس يا رسول الله إنا لنرى وجوه قوم من وقائع أوقعتها فيهم، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لن يصيبوا خيرًا حتّى يُحبّوكم لله، ولقرابتي ... " الحديث (?).

وهذا مرسل صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، يشهد لحديث الباب.

وأخرج الترمذيّ (3691) من طريق أبي عوانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، حدثني عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، أن العباس ابن عبد المطلب دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُغْضَبًا، وأنا عنده، فقال: "ما أغضبك؟ "، قال: يا رسول الله ما لنا ولقريش، إذا تلاقَوْا بينهم تلاقوا بوجوه مُبْشَرَةٍ، وإذا لَقُونا لَقُونا بغير ذلك؟ قال: فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتّى احمر وجهه، ثمّ قال: "والذي نفسي بيده لا يدخل قلبَ رجلٍ الإيمانُ حتّى يُحِبَّكم لله، ولرسوله"، ثمّ قال: "يا أيها النَّاس من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015