أشرافهم. وعند ابن إسحاق أيضًا من حديث كُرْز بن علقمة أنهم كانوا أربعة وعشرين رجلًا، وسرد أسماءهم.
وقد أخرج البخاريّ في "المغازي" من "صحيحه" هذا الحديث مطوّلًا، فقال:
4385 - حدثني عبّاس بن الحسين، حَدَّثَنَا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صِلَة بن زُفَر، عن حذيفة قال: جاء العاقب، والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريدان أن يُلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كَان نبيا فلاعنّا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، قالا: إنا نُعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعث معنا إِلَّا أمينًا، فقال: "لأبعثنّ معكم رجلًا أمينًا حَقَّ أمين"، فاستشرف له أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "قم يا أبا عبيدة بن الجراح"، فلما قام قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا أمين هذه الأمة".
وقوله: "جاء السَّيِّد والعاقب صاحبا نجران"، أما السَّيِّد فكان اسمه الأيهم -بتحتانية ساكنة- ويقال: شُرَحبيل، وكان صاحب رحالهم، ومجتمعهم، ورئيسهم في ذلك، وأما العاقب فاسمه عبد المسيح، وكان صاحب مَشُورتهم، وكان معهم أيضًا أبو الحارث بن علقمة، وكان أُسْقُفَّهم، وحبرهم، وصاحب مِدْراسهم. قال ابن سعد: دعاهم النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فامتنعوا، فقال: "أن أنكرتم ما أقول، فهَلُمّ أُبَاهِلكم"، فانصرفوا على ذلك.
وذكر ابن إسحاق بإسناد مرسل أن ثمانين آية من أول سورة آل عمران نزلت في ذلك، يشير إلى قوله تعالى: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} الآية [آل عمران: 61].
وفي رواية يونس بن بكير أنه صالحهم على ألفي حلة: ألفٍ في رجب، وألف في صفر، ومع كلّ حلة أُوقِيّة، وساق الكتاب الّذي كتبه بينهم مطولًا. وذكر ابن سعد أن السَّيِّد والعاقب رجعا بعد ذلك فأسلما.
[تنبيه]: وقع في حديث أنس عند مسلم أن أهل اليمن قَدِمُوا على النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-،