بالجنة، وابن عم المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وزوج ابنته فاطمة، وأبو الحسنين، جم الناقب -رضي الله عنهم- أجمعين، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَليٍّ -رضي الله عنه-) أنه (قَالَ: "عَهِدَ إِلَيَّ) أي أوصاني بذلك، وأخبرني به، والعهد: الوصيّة، والميثاق (النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ -صلى الله عليه وسلم-) قال أَبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله: "الأميّ": هو الذي لا يَكتُبُ، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنا أُمة أُميّة لا نكتب ولا نحسُبُ"، متّفق عليه (?). وهو منسوب إلى الأمّ؛ لأنه باق على أصل ولادتها؛ إذ لم يتعلّم كتابةً ولا حسابًا. وقيل: يُنسب إلى معظم أمّة العرب؛ إذ الكتابة كانت فيهم نادرةً، وهذا الوصف من الأوصاف التي جعلها الله تعالى من أوصاف كمال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومدحه بها، وإنما كانت صفة نقص في غيره؛ لأن الكتابة والدراسة والدُّرْبَة (?) على ذلك هي الطرق الموصلة إلى العلوم التي بها تشرف نفس الإنسان، ويعظُم قدرها عادةً، فلمّا خصّ الله تعالى نبيّنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بعلوم الأولين والآخرين من غير كتابة ولا مُدارسة، كان ذلك خارقًا للعادة في حقّه، ومن أوصافه الخاصّة به الدالّة على صدقه التي نُعِت بها في الكتب القديمة، وعُرف بها في الأمم السابقة، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ} الآية [الأعراف:157]، فقد صارت الأمّيّة في حقّه من أعظم معجزاته، وأجلّ كراماته، وهي في حقّ غيره نقصٌ ظاهرٌ، وعجزٌ حاضرٌ، فسبحان الذي صيّر نقصنا في حقّه كمالًا، وزاده تشريفًا وجلالًا -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (?).
(أَنَّهُ) الضمير للشأن تُفسّره الجملة بعده (لَا) نافية، ولذا رفع الفعل بعده (يُحِبُّنِي) بضم أوله، من أحبّه رباعيّا، ويجوز فتح أوله، وكسر ثالثه، من حبّه ثلاثيّا، قال