لا بأس به، أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمّرون إلا الصحابة. وقول ابن عبد البرّ: لم يَبْقَ بمكة، ولا بالطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم، وشهد مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع. ومثل ذلك قول بعضهم في الأوس والخزرج: إنه لم يبق منهم في آخر عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلا من دخل في الإسلام، وما مات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحد منهم يُظهر الكفر (?).
وإلى ما تقدّم أشار السيوطيّ رحمه الله في "ألفية الحديث" بقوله:
حَدُّ الصّحَابِي مُطْلَقًا لاَقِي الرَّسُولْ ... وَإِنْ بِلاَ رِوَايَةٍ عَنْهُ وَطُولْ
كَذَاكَ الاتْبَاعُ مَعَ الصَّحَابَةِ ... وَقِيلَ مَعْ طُولٍ وَمَعْ رِوَايَةِ
وَقِيلَ مَعْ طُولِ وَقِيلَ الْغَزْوِ أَوْ ... عَام وَقِيلَ مُدْرِكُ الْعَصْرِ وَلَوْ (?)
وَشَرْطُهُ الموْتُ عَلَى الدِّينِ وَلَوْ ... تخَلَّلَ الرِّدَّةُ وَالجنُّ رَأَوْا
دُخُولهُمْ دُونَ مَلاَئِكٍ وَمَا ... نَشْرِط بُلُوغًا في الأَصَحِّ فِيهِما
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في ذكر ما يُعرف به كون الشخص صحابيّا:
(اعلم): أن ذلك يثبُت بأشياء:
[أولها]: أن يتواتر أنه صحابيّ.
[والثاني]: الاستفاضة والشهرة.
[والثالث]: أن يُروى عن آحاد الصحابة أن فلانًا له صحبة مثلًا، وكذا عن آحاد التابعين، بناءً على قبول التزكية من واحد، وهو الراجح.
[والرابع]: أن يقول هو: أنا صحابيّ بشرط ثبوت عدالته، ومعاصرته.
أما الشرط الأول -وهو العدالة- فجزم به الآمديّ وغيره؛ لأن قوله قبل أن تثبت عدالته: أنا صحابيّ، أو ما يقوم مقام ذلك يلزم من قبول قوله إثبات عدالته؛ لأن