"أنت آدم الذي خلقك الله بيده"، فأعاد الضمير في قوله: "خلقك" إلى قوله: "أنت"، والأكثر عوده إلى الموصول، فكأنه يقول: خلقه الله، ونحو ذلك ما وقع في رواية الأكثر: "أنت الذي أخرجتك خطيئتك"، وفي حديث عمر بعد قوله: "أنت آدم؟ "، "قال: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك؟، قال: نعم، قال: فلم أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ "، وفي لفظ لأبي عوانة: "فواللِّه لولا ما فعلتَ ما دخل أحد من ذريتك النار"، ووقع في حديث أبي سعيد عند ابن أبي شيبة: "فأهلكتنا، وأغويتنا"، وذكر ما شاء الله أن يذكر من هذا.

وهذا يشعر بأن جميع ما ذُكر في هذه الروايات محفوظ، وأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر.

وقوله: "أنت آدم" استفهام تقرير، وإضافة الله خلق آدم إلى يده في الآية إضافة تشريف، وكذا إضافة روحه إلى الله، و"من" في قوله: "من روحه" زائدة على رأي، والنفخ بمعنى الخلق: أي خلق فيك الروح.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "وإضافة الله خلق آدم إلى يده في الآية إضافة تشريف" هكذا قال في "الفتح"، يعني أنه من المجاز، لا من الحقيقة، وفيه نظر، بل الحقّ أنه على ظاهره، وأن لله تعالى يدًا حقيقيّة، تليق بجلاله، لا تشبه يد الخلق، فنحن نثبت ما أثبته لنفسه من اليد والأصابع، والعين، والوجه، ونحو ذلك، من غير تمثيل ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تحريف، وكون الإضافة حقيقية يستفاد منها مع إثبات اليد تشريف آدم وذريته، حيث خلقه الله عز وجل بيده. فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وملجأ العنيد، والله سبحانه وتعالى الهادي إلى سواء السبيل.

ومعنى قوله: "أخرجتنا": كنت سبببا لإخراجنا، كما تقدم تقريره.

وقوله: "أغويتنا، وأهلكتنا" من إطلاق الكل على البعض، بخلاف "أخرجتنا" فهو على عمومه.

ومعنى قوله: "أخطأت، وعصيت" ونحوهما: فعلتَ خلاف ما أُمرت به. وأما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015