و"لو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه"، و"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك"، وشبه ذلك فكله مستقبل لا اعتراض فيه على قدر، فلا كراهة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يَفعَل لولا المانع، وعما هو في قدرته، فأما ما ذهب فليس في قدرته.
قال القاضي: فالذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه، لكنه نهي تنزيه، ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإن "لو" تفتح عمل الشيطان". انتهى.
قال النوويّ بعد نقل كلام القاضي: ما نصّه: وقد جاء من استعمال "لو" في الماضي قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي"، وغير ذلك، فالظاهر أن النهي إنما هو عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه، فيكون نهيَ تنزيه لا تحريم، فأما من قاله تأسفًا على ما فات من طاعة الله تعالى، أو ما هو متعذر عليه من ذلك، ونحو هذا، فلا بأس به، وعليه يُحمَل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (?). وهو بحثٌ نفيس جدّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (10/ 79) بهذا السند، وأعاده في "كتاب الزهد" (4168) عن محمد بن الصبّاح، عن سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه (مسلم) في "القدر" (6716) و (النسائيّ) في "عمل اليوم والليلة" (622) و (623) و (624) و (625) و (أحمد) في "مسنده" 2/ 366 و 370 و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5722) وابن أبي عاصم في "السنّة" (356)