أحاديث تأتينا من قبل المشرق، ننكرها لا نعرفها، ما كتبت حديثا ولا أذنت في كتابته " (?)، فهذا يؤكد أن مبادرة الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى الأمر بكتابة السنة وتدوين ما تفرق بصورة أوسع مما كان في بعض الصحف (?)، وموافقة العلماء من أمثال الإمام الزهري على رأيه كان خوفا من دروس (?) العلم وذهاب أهله، وأن يدخل في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس منها، وهو ما تنبهله الزهري من تلك الأحاديث الآتية من قبل المشرق، ونجزم أن بداية جِدية التفكير في تدوين السنة وتصنيف علومها كانت في عهد التابعين من أيام الزهري وأقرانه، لكنها بالنسبة لقواعد علوم الحديث لم تتجاوز نقل أقوال مبثوثة (?)، أُثرت عن الأصحاب والأئمة من التابعين، وهي لا تمثل مادة علمية كاملة لقواعد مصطلح الحديث، سوى أنها فتحت الباب على مصراعيه للبحث والنظر في هذا الموضوع الخطير.
3 - مرحلة بداية التدوين: هذه المرحلة تقدر بما يقارب (150) سنة من بداية القرن الثالث إلى منتصف الرابع تميزت هذه الفترة عن سابقتها بإبراز بعض قواعد علوم الحديث في مصنفات مستقلة، مثل كتاب العلل لابن المديني، ومعظم المادة العلمية في هذه المرحلة إما قواعد مستقلة في كتب متفرقة، كما في الرسالة والأم للإمام الشافعي، أو مبثوثة في مصنفات الحديث على اختلاف طرائقها في التصنيف، كما في مصنفات الإمام البخاري، ومقدمة صحيح مسلم، وما كتبه الترمذي من العلل، وما نقل عن الإمام أحمد، وعن أبي داود وغيرهم، يقول الإمام مسلم رحمة الله علينا وعليه: وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار، وأفتوا بذلك حين سئلوا، لما فيه من عظيم الخطر، إذ الأخبار بأمر الدين إنما تأتي بالتحليل أو