يغزو بلادَ الرومِ، فحُمِل إليه الإِمامُ مقيَّداً، وما إن وَصَل إلى الرَّقَّةِ حتى جاء نَعْيُ المأمون، فَرُدَّ إلى بغداد، وسُجِن فيها (?) .
وتولَّى المعتصمُ الخلافةَ، وراح يُكْمِلُ ما بدأ فيه أخوه نزولاً عند وصيته، فأحضر الإمامَ أحمد من سجنه - وكان قد مرَّ عليه فيه سنتان وأربعةُ أشهرٍ - (?) وناظره في قصره مدةَ ثلاثةِ أيام (?) ، وحين أعياه ثباتُ الإِمام أحمد وجرأته أَمَر بضَرْبِه، وذلك بمشورة قاضي قضاته المعتزلي أحمد بن أبي دُوَاد، فقام الجلادون بضربه بالسياط ضرباً مُبَرِّحاً أشرف فيه على التلف، وكي لا تقومَ العامَّةُ الهائجة خارجَ القصر باضطراب لا يُعرف كيف السبيلُ للسَّيطرةِ عليه، أمر المعتصم بالإِفراج عنه، وهو يظن في نفسه أنه ميتٌ لا مَحالة (?) ، فأفرج عنه سنة (220 هـ) ، ولكن الإِمام أحمد تماثل للشفاء وإنْ بَقِيَتْ آثار ضربه ظاهرة على جسده، وعاد إلى ما كان عليه من التحديث والفتيا وحضور الجمعة والجماعة، وظلَّ كذلك حتى وفاة المعتصم سنة (227 هـ) وولاية الواثق إلى أوائل سنة (228 هـ) (?) ، إذ عاد الواثق إلى إثارة محنة خَلْق القرآن من جديد، وطلب أن تُدَرَّس هذه المسألةُ للصبيان في الكُتَّاب، فضجَّ الفُقهاءُ والمحدثون لهذا الأمر، وكادت أن تقع فتنة لولا أن الإمامَ أحمد أمرهم بالصبر حين قصدوه يُعلِنُون تبرُّمَهم من هذا الأمر، وعلم الواثقُ بخبر هذا الاجتماع، فأرسلَ الى الإِمام أحمد: أن لايجتمعنَّ إليك أحدٌ، ولا تُساكنِّي بأرضٍ ولا مدينةٍ أنا فيها، فاذهب حيثُ شئتَ من أرض الله. فلزم الإِمام أحمد بيته لا