فسعى إلى مجلسه، فلم يُدرِكْه، إذ ألفاه قد خرج إلى طَرَسُوس لغزو الرُّوم (?) .
وكان أكثرُ سماعه في هذه الفترة على مُحدِّثِ بغداد هُشَيمِ بن بَشيرٍ، وفي مجلسه سَمِعَ الإِمام أحمد بوفاة حماد بن زيد والإِمام مالك بن أنس (?) ، وظلَّ ملازماً لهشيم حتى وفاته سنة (183 هـ) ، وكتب عنه أكثرَ من ثلاثةِ آلاف حديث (?) ، وبدأ يَظهَرُ قدرُ الإِمام أحمد منذ تلك الأيام (?) .
وبعد وفاة شيخه هُشَيم رحل الإِمام أحمد إلى الكوفة ماشياً - وكانت أولى رحلاته - وله من العمر عشرون سنة، فسمع فيها أبا معاوية الضَّرير (ت 194 هـ) ، ووكيعاً (ت 197 هـ) ، وذاع في الكوفة أنه حُجَّة في حديث هُشيم، حتى أن الإِمام وكيعاً سأله ذاتَ مرةٍ عن حديثٍ إنْ كانَ عند هُشَيم؟
فأجابه الإِمام أحمد: لا (?) . وفي الكوفة حَفِظَ كتبَ وكيع كلَّها (?) ، وأكثر من الكتابة عنه (?) ، وكان الإِمام وكيع يُجِلُّهُ ويحترِمُه ويعرف له قدره (?) .
وفي سنة (186 هـ) كانت أولى رحلاته إلى البصرة (?) ، فسمع فيها من مُعتَمِر بن سليمان (ت 187 هـ) ، وبِشْر بن المفضل (ت 187 هـ) ، ومرحوم بن عبد العزيز الأُموي (ت 188 هـ) ، وآخرين.
وكان دائمَ الرِّحلَة بَيْنَ الكُوفة والبصرة يكتب الحديثَ عن شيوخهما، قال ابنُ منيع: سمعتُ جدي يقول: مَرَّ أحمدُ ابن حنبل جائياً من الكوفة، وبيده خريطةٌ فيها كتب، فأخذتُ بيده، فقلتُ: مرةً إلى الكوفةِ، ومرةً إلى البصرة،