كتابه " المغني ": " فإنَّ الله برحمته وطَوْلِه، وقوَّتِه وحَوْلِه، ضَمِنَ بقاءَ طائفة من هذه الأُمَّة على الحقِّ لا يضرُّهم مَنْ خَذَلهم حتى يأتيَ أَمْرُ الله وهم على ذلك، وجعل السببَ في بقائهم بقاءَ عُلمائهم، واقتداءَهم بأَئِمَّتِهم وفُقهَائِهم، وجعل هذه الأُمَّة مع عُلمائِها، كالأُمم الخالية مع أنبيائِها، وأظهرَ في كُلِّ طبقةٍ من فقهائها أئمةً يُقتدى بها، وينتهى إلى رَأْيها، وجعل في سلف هذه الأُمة أئمةً من
الأَعلام، مهّد بهم قواعِدَ الإِسلام، وأَوضَحَ بهم مشكلاتِ الأَحكام، اتِّفَاقُهُم حُجَّةٌ قَاطِعةٌ، واختلافُهم رحمةٌ واسعة، تحيا القلوبُ بأَخبارِهم، وتحصلُ السعادة باقتفاءِ آثارِهم، ثم اختصَّ منهم
نفراً أَعلى أَقدارَهم ومناصبَهم، وأَبقى ذكرهم ومذاهبَهم، فعلى أقوالهم مدارُ الأحكام، وبمذاهبهم يُفتي فُقهاءُ الإسلام.
وكان إمامُنَا " أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه " مِن أوفاهم فضيلة، وأقربهم إلى الله وسيلةً، وأتبعهم لِرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعلمهم به ".
وقال عنه الإمام الشافعي - رحمه الله -: " أحمدُ ابن حنبل إمامٌ في خصالٍ كثيرةٍ: إمامٌ في الحديث، إمامٌ في الفِقْه، إمامٌ في القُرآنِ، إِمامٌ في الزُّهْد، أمامٌ في الوَرَعِ، إمامٌ في السُّنَّةِ ".
* ما أورده الإمامُ ابنُ تيمية - رحمه الله - في " الصارم المسلول " إذ قال: " قال الإمامُ أحمد في رواية الفضل بنِ زياد: نظرتُ في