لم تقف شخصية أبي عوانة عند معرفة الحديث وحفظه وروايته، بل اتسعت دائرته العلمية إلى ما هو أكثر من ذلك، فقد كان مع حفظه -رحمه الله- فقيها مجتهدا، ولا شك أن هذا يعد من الخصال العزيزة التي قل أن تجتمع في عالم واحد، أعني الجمع بين الفقه والحديث على وجه التوسع، حتى قال الإمام الشافعي -رحمه الله- لأحد تلامذته: "تريد أن تحفظ الحديث وتكون فقيها؟ هيهات، ما أبعدك من ذلك" (?).
قال البيهقي -رحمه الله- معلِّقًا على قولِ الشافعي: إنما أراد به حفظه على رسم أهل الحديث، من حفظ الأبواب والمذاكرة بها وذلك علم كثير، إذا اشتغل به فربما لم يتفرغ إلى الفقه .. " (?).
لكن الله تبارك وتعالى قد منّ بهذا على خلق من عباده، كان منهم الحافظ أبو عوانة -رحمه الله-.
وقد مرَّ الإمام أبو عوانة -رحمه الله- بمراحل في تعلم الفقه والإمامة فيه.
فأما المرحلة الأولى: فهى التفقه بفقه الشافعي وأخذه عن كبار أصحاب الشافعي، فسمع كتب الشافعي من إسماعيل بن يحيى المزني (?)