قال: فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت فيه العربية بمجرد اللِّسان، وعلق فيه النَسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإِسلامية العربية.
وقد يحتج بهذا القولِ أبو حنيفة في قوَله: إنَِّ مَنْ ليسَ له أبوانّ في الإِسلام أو في الحرية ليس كفءاً لمن له أبوان في ذلك وإن اشتركا في العجمية والعتاقة.
ومذهبُ أبي يُوَسُف: ذو الأب كَذِي الأبوَينِ.
وهو مذهبُ الشافعية، حتى قَالوَا: إنَّ الصحابي ليس كفؤاً لبنتِ التَابعي.
ومذهبُ الإِمامِ أحمد أنَهُ لا عبرةَِ بذلكَ.
وروى السلَفي أيضاً بإسَناده وفيه: فصعد - عليه السلام - المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أمَّا بعد، أيها النًاس فإنَّ الرب واحد، والأبُ واحد، والدَين واحد، وإنَّ العربيةَ ليست لأحدكم بأبٍ ولا أمّ، إنما هي لسانَّ، فمنْ تكلَّمَ بالعربيةِ فهو عربي) .
قال ابن تيمية: وهذا الحديث ضيف؛ لكنَّ معناه ليس ببعيد. بل هوَ صحيح من بعض الوجوه ولهذا كان المسلمون المتقدموَن لما سكنوَا أرض الشام ومصر ولغة أهلها رومية وقبطيةْ وَأرض العِرَاق وخُرُاسان ولغَة أهلها فارسية. وارض المغرب ولغة أهلها بربرية، عَودوا أهلَ هذه البلاد العربيةَ حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم. وهكذا كانت خراسان قديماً ثم إنّهم تَساهلوَا في أمر اللُغةِ العربية، واعتادوا الخطابَ بالفارسيةِ حتى غلبت عليهم، وصارت العربية