فرقَ؛ إذْ كُلٌّ منهُما لهُ صفاتٌ تخصُّهُ، إمّا مماثلةٌ لصفاتِ غيرِهِ وإمّا مخالِفةٌ لها، وهيَ متعيِّنةٌ، ليسَ لغيرِهِ فيها شركةٌ أصلًا، بَلْ لهُ فيها مشابَهةٌ أو مخالَفةٌ، وهذهِ الصِّفاتُ المعيّنة (?) لهُ إذا أُخِذَتْ مطلَقةً كلِّيّةً كانَ المماثلُ منها النَّوعَ مثلا، والمختلِفُ منها الجِنسَ مثلًا، فالمتماثلُ كالإنسانِ معَ الإنسان، والفرَسِ معَ الفرَس، والمختلفُ كالإنسانِ معَ الفرَس، فهذهِ الأشياءُ التي اختلفَتْ بأعيانِ أنواعِها، وهيَ الإنسانيّةُ مثلًا معَ الفرَس، واتَّفقَتْ في لازمِ ذلكَ، وهوَ الجِنسُ، كالحيوانيّة، كُلٌّ مِنَ المختلفِ فيهِ والمتَّفقِ عليهِ كُلِّيٌّ مطلَقٌ، ليسَ أحدُهما جزئِيًّا والآخرُ كُلِّيًّا، ولا أحدُهما واحدًا بالشَّخصِ والآخرُ واحدًا بالجِنسِ اللُّغويِّ المقابلِ للواحدِ بالشَّخص، ولِكُلٍّ منهُما إنسانيّةٌ تخصُّهُ معَ الحيوانيّةِ التي تخصُّهُ، كما لكُلِّ فرَسٍ فرسيّةٌ تخصُّهُ كالحيوانيّةِ التي تخصُّهُ، كالألوانِ التي تشتركُ في مُسمَّى اللونيّةِ (?).
ويمتازُ هذا عَنْ هذا بخصوصيّةٍ لكونهِ بياضًا وسوادًا؛ فإنَّ كُلَّ لونٍ معيَّنٍ لهُ لونيّةٌ تخصُّهُ وسواديّةٌ أو بياضيّةٌ تخصُّهُ، وإذا أُخِذَ لونٌ مطلَقٌ وقُسِمَ إلى بياضٍ مطلَقٍ وسوادٍ مطلَقٍ، فليسَ اللَّونُ المطلَقُ ولا السَّوادُ المطلَقُ أو البياضُ المطلَقُ موجودًا في الخارجِ مطلَقًا بشرطِ إطلاقِه، بَلْ لا يوجدُ إلّا معيَّنًا، وإذا عُيِّنَ هذا البياضُ وهذا البياضُ عُيِّنَ هذا اللَّونُ، فنَفسُ المسمَّى جِنْسًا إذا عُيِّنَ في الخارجِ كانَ هوَ المعيَّنَ في الخارجِ مِنَ النَّوع، فنفسُ هذا اللَّونِ هوَ نفسُ هذا السَّوادِ أو هذا البياض، ونفسُ هذا الحيوانِ هوَ ذا الإنسانُ وهذا الفرسُ.