في فضل المشرق، فقال: (وكلام ابن سعيد كله لمن تأمله إثبات لفضل المشرق وأهله على الغرب وأهله الذي لا يمترى فيه) ، ثم انتقل إلى الحديث عن جود مناخ المشرق ورطوبة هواء المدن المغربية.... وطوّف في الحيوان والنبات والمعادن في كل منهما، وعرض لألوان وهيئات أهل المشرق والمغرب، مشيدا بالمشارقة ... ثم أشاد بحسن ديباجة الألفاظ لدى المغاربة، وحسن إحكام قواعد المعاني لدى المشارقة وذكر سبعة من أعلام شعراء المشرق، وأثنى على لطائف أهل المغرب، بأنها أعلق بالقلوب، وأدخل على النفوس في كل أسلوب.
وعرض لتفوق المشرق في العلوم العقلية والرياضيات والإلهيات ... ثم طرق باب الموازنة بين المتنزهات في المشرق وما يناظرها في المغرب، ففصل القول في مواقعها وهضابها وأنهارها وأشجارها، ونسائمها ومناظرها وأسوارها، وبين خصائصها ومزايا بعضها على بعض، وذكر أقوال العلماء فيها وفي وصفها، وأقوال بعض الشعراء فيها، كما ذكر ما دار من سجال بين الشعراء في مدح متنزهات المشرق والمغرب، أو في مدحهما، كما ذكر أقوال بعض الرحالة الذين زاروا تلك الأقاليم، وتحدثوا في آثار البيئة في ألوان السكان وهيئاتهم وأخلاقهم وسلوكهم.... ومواليهم وغلمانهم، وذكروا الفروق بين أجناسهم، وبين خصائص كل جنس وأقوال المشاهير فيهم، حتى إن الإسكندر أجلّ ملوك الروم أقرّ بفضل الترك، واعترف بحكمة صاحب الصين وفضله ... واستجره الحديث عن الديار المصرية إلى الحديث عن حكامها من بعض الفرق الذين استعصوا على خصومهم إلا على صلاح الدين الأيوبي رحمه الله (532- 589 هـ) الذي طهر البلاد منهم.
ورأى العمري مما يتكلم فيه من أحكام المناظرة بين المشارقة والمغاربة في النبوة، وهذا الفخر مسلّم به للمشرق، فذكر الأنبياء والرسل وأعدادهم