بين اللاحق والسابق، وبيان حضارة الإسلام والمسلمين في مشارق الدنيا ومغاربها في مختلف مناحي الحياة وميادينها، وحرص المسلمين على البحث والعلم وتطبيقه ونشره، والإبداع فيه، والزيادة عليه وحفظه ونقله إلى الآفاق لخير الإنسانية، وإذا عرّج على ذكر الخلافة والممالك والسلطنات، إنما أراد أن يبرز حسن سياسة المسؤولين، وحسن إدارتهم وصيانة رعاياهم، ودفع أعدائه، وقطع أطماع المتربصين بهم..... وحملته الأمانة التاريخية أن يبين في كل جانب من الجوانب التي عرضها ما له وما عليه، ليفيد الخلف من تجارب السلف، مهما يكن الأمر نحن أمام موسوعة علمية شاملة، تناولت معظم جوانب الحياة العلمية، والاجتماعية والمعاشية والسياسية، والأرض وما فيها من إنسان وحيوان ونبات، وما في باطنها من جواهر ومعادن، وبعض الصنائع في مشرق الدولة الإسلامية ومغربها في نحو سبعة قرون، وقد أوغلت أحيانا في أعماق تاريخ ما قبل الإسلام.

وأما الفصل الأول الخطابي فقد ذكر في مطلعه أنه كان لا يرغب أن يفتح في هذا الفصل مغلق بابه، حتى لا يوغر عليه صدورا، ولأن فضل المشرق- في نظره- ظاهر كوضوح الشمس في رائعة النهار، ولكنه لما رأى تطاول بعض أهل المغرب وتفاخره بالمغرب- مع قصر باعه- على المشرق، رأى المؤلف أن يفتح هذا الباب، مع إقراره أن لكل من المشرق والمغرب فضله، ولا يخلو كل منهما من مدح وذم، فشرع ببيان فضل المشرق من حيث تقديم ذكر المشارق في القرآن الكريم على المغارب، وسعة سلطان المشرق، واتساع مساحة بره وزيادتها على المغرب، لدخول البحر المحيط فيه، فقلت مدنه وعمارته بالنسبة إلى المشرق التي اتصلت فيها العمارة فجاء كله مدنا آهلة وقرى عامرة، وقد أقر بهذا ابن سعيد المغربي (- 673 هـ) في كتابه الجغرافية، ثم انتقل من الأرض إلى ساكنيها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015