والطل في أعين النوار تحسبه ... دمعا تحير لم يرقأ ولم يكف
كلؤلؤ ظل عطف الغصن متشحا ... بعقده وتبدى منه في شنف
يضم من سندس الأوراق في صرر ... خضر ويجني من الأزهار في صدف
والشمس في طفل الإمساء تنظر من ... طرف غدا وهو من خوف الفراق خفي
كعاشق سار عن أحبابه وهفا ... به الهوى فتراءاهم على شرف
إلى أن نضى المغرب عن الأفق ذهب قلائدها، وعوضه عنها من النجوم بخدمها وولائدها، فلبثنا بعد أداء الفرض لبث الأهلة، ومنعنا جفوننا أن ترد النوم إلا تحلة.
ونهضنا وبرد الليل موشع، وعقدة مرصع، وإكليله مجوهر، وأديمه معنبر، وبدره في خدر سراره مستكن، وفجره في حشا مطالعه مستجن، كأن امتزاج لونه بشفق الكواكب خليطا مسك وصندل وكأن ثرياه لامتداده معلقة بأمراس كتان إلى صم جندل «1» : [الطويل]
ولاحت نجوم الليل زهرا كأنها ... عقود على خود من الزنج تنظم
محلقة في الجو تحسب أنها ... طيور على نهر المجرة حوّم
إذا لاح بازي الصبح ولت يؤمها ... إلى الغرب خوفا منه نسر ومرزم
«2» إلى حدائق ملتفة، وجداول محتفة، إذا حس النسيم غصونها اعتنقت عناق الأحباب، وإذا فزّك من المياه متونها انسابت في الجداول انسياب الحباب، ورقصت في المناهل رقص الحباب، وإن لثم ثغور نورها حيته بأنفاس المعشوق،