في طلب الصيد على مواصلة السرى، ومقاطعة الكرى، ومهاجرة الأوطار، ومهاجمة الأخطار، ومكابدة الهواجر، ومبادرة الأوابد التي لا تدرك حتى تبلغ القلوب الحناجر، وذلك من محاسن أوصافهم التي يذم المعرض عنها؛ وإذا كان المقصود من مثلهم جدّ الحرب، فهذه صورة لعب يخرج إليه منها، وتارة تدعوهم إلى البروز إلى الملق، وتحدوهم في سلوك طريقهم مع من هو دونهم على ملازمة الصدق ومجانبة الملق، فيعتسفون إليها الدجى إذا سجى، ويقتحمون جرف النهار إذا انهار، ويتنعمون بوعثاء السفر في بلوغ الظفر، ويستصغرون ركوب الخطر في إدراك الوطر، ويؤثرون السهر على النوم، والليلة على اليوم، والبندق على السهام، والوحدة على الالتئام.

ولما عدنا من الصيد الذي اتصل بعلمه حديثه، وشرح له قديم أمره وحديثه، تقنا إلى أن نشفع صيد السوانح برمي الصوادح، وأن نفعل في الطير الجوانح بأهلة القسي ما تفعل الجوارح، تفضيلا لملازمة الارتحال، على الإقامة في الرحال، وأخذا بقولهم: [البسيط]

لا يصلح النفس إذ كانت مدبّرة ... إلا التنقل من حال إلى حال

فبرزنا وشمس الأصيل تجود بنفسها، وتشير من الأفق الغربي إلى جانب رمسها، وتغازل عيون النور بمقلة أرمد، وتنظر إلى صفحات الورد نظر المريض إلى وجوه العوّد «1» ، فكأنها كئيب أضحى من الفراق على فرق، أو عليل يقضي بين أصحابه بقايا مدة الرمق، وقد اخضلت عيون النّور لوداعها، وهم الروض بخلع حلّته المموهة بذهب شعاعها: [البسيط]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015