مرتقى همّة ومصعد نفس، أسأل الله سترا يمتدّ، ووجها لا يسودّ؛ فأما التّواتر من الناس، والتّظاهر على أني قهرتك، فلو قدرت على الناس لخطت أفواههم، ولقبضت شفاههم، فما الحيلة؟ وهل إلى ذلك سبيل فأتوسل، أم ذريعة فأتوصل؟ ثم هذا التواتر ثمرة ذلك التناظر، مع ذلك التساتر، فإن كان ساءك فأحرى أن يسوءك عند مجتمع الناس ومحتفل أولي الفضل، ولأن يترك الأمر مختلفا فيه خير لك من أن يتفق عليه، فإن أحببت أن تطير هذا الواقع، وتهيج هذا الساكن، فرأيك موفقا؛ فأما هذا الوعيد فقد عرضته على جوانحي وجوارحي كلّها، فلم تنشدار لا قول القائل: [الوافر]
وعيد تخدج الآرام منه ... وتكره نبّه الغنم الذّئاب
فكم يتكوكب تلامذتك ويتعسكرون، ويتفحش أصحابك ويتباجعفرون «1» ، ولست أراك إلا بين ميمين «2» ، أحدهما «3» : يروح إلى أنثى ويغدو إلى طفل؛ والآخر: يجيب دعوة المضطر إذا دعاه بمسلّفات؛ فإن كان الله قد قضى أن أقتل بأخسّ سلاح، فلا مفر من القدر المتاح؛ رزقنا الله عقلا به نعيش، ونعوذ بالله من رأي بنا يطيش؛ وقلنا من بعد: إنّ رسالتك هذه وردت موردا لم نحتسبه، ووصلت موقفا لم نرتقبه، فلذلك خرج الجواب عن البصل ثوما وعن البخل لوما.
فلما ورد الجواب عليه، وسع من الغيظ فوق ملئه، وحمل من الحقد فوق عبئه، وقال: قد بلغ السيل الزّبى، وعلت الوهاد الرّبى في أمرك، وسترى يومك، وتعرف قومك.
ثمّ مضت على ذلك أيام ونحن مضطرّون لفاضل ينشط لهذا الفصل، وينظر