يقول السائل: ما قولكم في حديث الناس وكلامهم في المساجد وارتفاع أصواتهم فيها؟
الجواب: إن حال كثير من المساجد اليوم محزن نتيجة لجهل كثير من المسلمين بأحكام المساجد وآدابها فترى في المساجد الحلقات التي يعقدها الناس ويدور الحديث فيها عن الأمور الدنيوية وإذا وقف الحديث عند الأمور المباحة فحسن، ولكن كثيراً منهم يتجاوز المباح الى الحرام فيتكلمون في أعراض الناس ويستغيبونهم ونحو ذلك.
والاصل أن الجلوس في المسجد عبادة وينبغي للمسلم أن يشغل وقته في المسجد إما بالصلاة أو بالذكر والدعاء أو يقرأ القرآن فإن لم يفعل شيئاً من ذلك فلا يتجاوز الكلام في الأمور المباحة.
ولقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن زمان يتحلق الناس فيه في المساجد لا هم لهم ولا كلام الا في أمور الدنيا وقد ذمهم على ذلك، فقد ورد في الحديث عن ابن مسعود ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (يأتي على الناس زمان يحلقون في مساجدهم وليس همهم إلا الدنيا وليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم) رواه ابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وصححه الألباني.
ومن الأمور المخالفة للشرع والتي تشوش على المصلين والتالين والذاكرين ويفعلها الناس في المساجد، البحث عن المفقودات فتسمع هذا يبحث عن نقوده وترى المؤذن يعلن عن وجود نقود أو نحوها ويطلب من صاحبها مراجعته وغير ذلك من الأمور التي نهى عنها الشارع الحكيم فقد ورد في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد الضالة فقولوا: لا ردّ الله عليك) رواه الترمذي والدارمي وهو حديث صحيح.
وفي رواية أخرى (من سمع رجلاً ينشد في مسجد ضالة فليقل لا أداها الله اليك فإن المساجد لم تبن لهذا) رواه مسلم.
وينبغي أن يعلم أن التشويش في المسجد على المصلين والتالين لكتاب الله والذاكرين لا يجوز حتى ولو كان ذلك بقراءة القرآن فقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذي بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة) رواه أبو داود بإسناد صحيح كما قال الإمام النووي وصححه الألباني. وورد في الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن) رواه مالك بسند صحيح قاله الألباني.
وقد هم عمر بن الخطاب بتعزيز من يرفعون أصواتهم في المسجد، روى البخاري عن السائب بن يزيد قال: كنت قائماً في المسجد فحصيني رجل- أي رماني بحصاة- فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب فقال: اذهب فائتني بهذين، فجئته بهما، فقال: ممن أنتما؟ قال: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
ومن التشويش الذي يقع الصياح الذي تسمعه من بعض المصلين في آخر المسجد عن إقامة الصلاة لإتمام الصفوف أو الدخول الى داخل المسجد وهذا أمر لا يجوز لأن المسلم يوم الجمعة عليه أن يتقدم الى الصفوف الأولى ولا يترك فراغاً أمامه وهذا هي السنة كما ورد في الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام في حق القادم الى المسجد يوم الجمعة ( .. ودنا من الأمام) أي اقترب من الإمام ثم إذا أقيمت الصلاة فإن من واجب الإمام أن يأمر بتسوية الصفوف وإكمالها وينبغي على المصلين أن يسمعوا ويطيعوا فيتموا الصفوف ويسدوا الفراغ الموجود في المسجد.
وأما أن يأخذ المصلون في آخر المسجد بالصياح واللغط فهذا أمر لا ينبغي ومخالف للهدي النبوي.