بالمركب، فالمفردات تصور الْمعَانِي، والمركبات تفِيد التَّصْدِيق، وَهُوَ الْمَقْصُود الْكُلِّي من وضع الْكَلَام، فَإِذا كَانَ مُقَارنًا للْكَلَام فهم معنى الْمركب عِنْد انْتِهَاء أَلْفَاظه، كَقَوْلِك: أعْطى زيد عمرا درهما، فانك لَا تدْرك معنى هَذِه الْجُمْلَة إِلَّا أَن تعلم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول حَتَّى يسْتَقرّ عنْدك معنى مَا قصد بِالْجُمْلَةِ، فَأَما حركات الْبناء فَلَا تفِيد معنى فِي الْمركب، وَإِنَّمَا هِيَ شَيْء أوجبه شبه الْحَرْف الَّذِي لم يوضع لتفيد حركته معنى.

الْوَجْه الثَّانِي: أَن وَاضع اللُّغَة حَكِيم، وَمن حكمته أَن يضع الْكَلَام للتفاهم، وَلَا يتم التفاهم إِلَّا بالإعراب فَوَجَبَ أَن يكون مُقَارنًا للْكَلَام لتحصل فَائِدَة الْوَضع.

وَأما الْبناء فَلَا يعرف الْمَعْنى فِيهِ من اللَّفْظ، وَإِنَّمَا يعرف بِجِهَة أُخْرَى، أَلا ترى انك إِذا قلت: ضرب مُوسَى عِيسَى، لم يفهم من اللَّفْظ الْفَاعِل من الْمَفْعُول، وَإِنَّمَا ميزوا بَينهمَا بِأَن ألزموا الْفَاعِل التَّقْدِيم. وَهَذَا امْر خَارج عَن اللَّفْظ، وَالْإِعْرَاب إِمَّا هَذَا اللَّفْظ أَو مَدْلُول اللَّفْظ. وَلَو قَالَ: كسر مُوسَى الْعَصَا فهم الْفَاعِل من الْمَفْعُول من الْمَعْنى، إِذْ قد ثَبت ان المُرَاد بمُوسَى: الكاسر، وبالعصا: المكسور، وَهَذَا أَيْضا خَارج عَن أَدِلَّة الْأَلْفَاظ، إِلَّا أَنه مَعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015