إن أهل الجاهلية لم يرضوا بهذا التدبير، وتكبروا عن أن يتخذوا الله وكيلا، بل اتخذوا الأصنام والأحجار، وعلقوا التمائم والخرز، واعتقدوا فيها ما لا يعتقد إلا في الله جل في علاه، فكانوا يعتقدون أن هذه التمائم والخرز تدفع البلاء، أو تجلب النفع، وكانوا يعلقون على الأولاد الحلق من الذهب والحديد والنحاس والفضة، وكانوا يربطون الخيوط الملونة، ويعتقدون أنها ترفع الحمى، وكانوا يعلقونها في الإبل لرفع العين والحسد، وكانوا يعتقدون في كعب الأرنب، وصدر النسر أو عظمه، وفي سن الضبع والذئب ومنقار الغراب عقائد باطلة.
وقد كانت هذه في الجاهلية ورآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء ليمحو هذا الشرك، ويخبروهم أن هذه التمائم لا تجلب نفعاً، ولا تدفع ضراً، ثم بين لهم أن هذا من الشرك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فقد أشرك) وهذا حديث حسن لذاته.
فبين هنا زيف ما يفعله أهل الجاهلية من هذه التمائم، وفي رواية أخرى اختلف في إسنادها والراجح أن سندها حسن، وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، وهذا الشرك إما أن يكون شركاً أكبر أو شركاً أصغر.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في بعض الآثار فقال: (لا تبقين قلادة من وتر ولا غيرها في إبل ولا بعير إلا قطعت)؛ لأنهم يتخذونها مادة لدفع الضر، ولجلب المنفعة.
وهذه الأحاديث تبين ضلال اعتقاد أهل الجاهلية، ولم يسكت عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بين أنها من الشرك.