إذاً: أول ما يعالج به المرء الطيرة التوكل، ثم الدعاء: (اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك) كأنه يقول: أعتقد اعتقاداً جازماً أنه لا تحول من الشر إلى الخير إلا بقوة الله، ولا تحول من الخير إلى الشر إلا بقوة الله وبقضاء الله وقدرة الله جل في علاه، وأيضًا هناك دعاء آخر: (اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك) يعني: أنت الذي تملك الطير كله، سواء التشاؤم أو الطير المحسوس الذي نراه أمامنا؛ لأن الطير لا يملك شيئاً ولا يملك رزقاً ولا يملك أن يمنع الرزق.
وقوله: (اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك) كأني أقول: أتممت توحيد الإلهية واعتقدت اعتقاداً جازماً بأن النافع والضار هو الله، ولم أتخذ سبباً لم يشرعه الله؛ لأن اتخاذ السبب الذي لم يشرعه الله جل في علاه والعياذ بالله من الشرك.
والعلاج الثالث: الإمضاء، يعني: أن يمضي المرء إذا أراد أن يسافر أو يتزوج أو يتاجر، فلا يكون ممن إذا وجد امرأة قال: إن هذه المرأة امرأة سوء، أو هذه تجارة كاسدة، فنقول لمثل هذا: اتق الله فإنك ستقع في الشرك بسبب ذلك، لكن اذهب وامض إلى تجارتك معتمداً متوكلاً موافقاً مصدقاً بأن الأمر كله بيد الله جل في علاه، وقل اللهم لا حول ولا قوة إلا بك، فإذا أتممت توكلك على الله جل في علاه وأحسنت الظن بربك فسيأتيك حسن ظنك بربك وفق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل: (أنا عند ظن عبدي بي فمن ظن بي خيراً فله) وهذا آخر الكلام على مسألة الطيرة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.