السحر

إن المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية من الأفعال والأقوال الباطنة كثيرة، وقد تكلمنا عن الطيرة والعيافة وغيرها، واليوم سنتكلم عن مسألة خطيرة جداً وهي مسألة السحر، وهذه المسألة من المعتقدات التي اعتقدها أهل الجاهلية وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنبذها وبترها وقطعها، فقد كان أهل الجاهلية يعظمون السحرة ويعتقدون فيهم الولاية، وكانوا يقولون عن الأفعال وخوارق العادات التي تحدث على أيديهم أنها من كرامات الله جل في علاه، وتعظيمه لهؤلاء، ولذلك كانوا يقفون على أبوابهم، ويعطونهم الجوائز والعطايا، بل ويسألونهم الحاجات التي لا تسأل إلا من الله، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم لنبذ هذه الاعتقادات والمعتقدات الباطلة كما سنبين في الشرح.

وإذا نظرنا بدقة إلى هذا العصر فسنجد أن جاهلية هذا العصر في مسألة الاعتقاد في السحرة أشد من اعتقاد أهل الجاهلية قبل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فنجد أن السحرة والكهنة يتوافد الناس إليهم ويجعلون لهم العطايا والأموال، ويسألونهم الحاجات، وتفريج الكربات، بل إن كل مسحور يرى أن نجاته وفلاحه وعلاجه لا يوجد إلا عند هذا الساحر الكاهن.

وهذه العادات منتشرة جداً وشائعة في البلاد الإسلامية التي ينتشر فيها العلم، وخصوصاً ما يحدث للمتزوج الذي هو في أول زواجه فيربط عن أهله إما بحسد قريب، وإما بسحر، والسحر له حقيقة، فالذي يربط عن زوجه يرى أن هذا سحر، ولا يحل السحر إلا بسحر، فيذهب إلى الساحر أو إلى الكاهن ويعتقد فيه ما لا يعتقد إلا في الله، فهذه المعتقدات الباطلة جاء الشرع ببترها وذمها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015