إن كمال التوحيد يكون به كمال الأمن، ويكون به كمال المتعة، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} [الأنعام:82] يعني: الأمن التام، وليس مطلق الأمن، بل الأمن المطلق.
والأمن أمنان: أمن في الدنيا، وأمن في الآخرة، والهداية هدايتان: هداية في الدنيا، وهداية في الآخرة، والأمن التام في الدنيا هو الأمن القلبي؛ لأنهم قد لا يأمنون جسدياً؛ وذلك بأن يبتليهم الله تعالى بتسليط الأعداء.
فالأمان الحقيقي هو أمان القلب، ولو ذبحوني فقلبي مملوء بالتوحيد، كما قال شيخ الإسلام: ماذا يفعل أعدائي بي، إن سجنوني فسجني خلوة بربي، وإن نفوني فنفيي سياحة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، أنا جنتي في قلبي.
إذاً: فالأمن التام يكون في القلب.
وأما الأمن في الآخرة فهو أمن كامل، أمن من كل المصاعب والمتاعب، يأمن حتى في عرصات يوم القيامة، عندما يقوم الناس فزعين هو لا يفزع، عندما يشتد عليهم الكرب والعطش، فإن الله جل وعلا يرويه؛ لأنه أتم التوحيد، بل أول من يدخل الجنة على صورة القمر سبعون ألفاً من غير حساب ولا عذاب كما جاء في الحديث، وفي رواية أخرى: مع كل واحد من السبعين ألفاً، سبعون ألفاً يدخلون الجنة، وجوههم كالقمر، كل واحد منهم كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بيد أخيه، فالكل يدخلون مرة واحدة، وهذا يسمى الأمن التام أو الأمن المطلق.