لو أن أهل السنة والجماعة نظروا إلى الوراء إلى الأمم السابقة وإلى الأنبياء، ولو نظروا أولاً إلى آدم لعلموا حكمة الله البالغة في أنه ترك المجال لآدم عليه السلام ليعصيه، فإن الله هو الذي فتح له الباب؛ لأن الله هو الذي يتحكم في العباد، ولو أراد الله ألا يعصيه أحد لما عصاه أحد، والدليل على ذلك من الكتاب قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام:112]، لكن الله جل وعلا لم يحفظ آدم وإنما جعله يأكل من الشجرة، فهذه من الحكم البالغة التي إذا تدبرها المسلم علم أن ربه جل في علاه حتى لو تركه للمعصية ما تركه إلا ليرفعه، فإن الله جل في علاه ترك إبليس يوسوس ويزين لآدم حتى أكل من الشجرة، ثم أنزل سبحانه آدم عليه السلام من الجنة دار النعيم إلى الدنيا دار الشقاء لحكمة بالغة، وهذه الحكمة البالغة هي أولاً: توبة آدم عليه السلام، فلما تاب وأناب ارتفع درجة فوق الدرجة التي كان عليها: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:37].
ثانياً: أن الله جل في علاه لما أهبط آدم إلى الأرض علمه كيف يتعايش في الأرض، وكيف يخرج طعامه وشرابه، ثم جاء من نسله الأنبياء والمرسلون، بل أفضل الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم.