في هذه العصور ظهرت لنا طائفة تحذو حذو القذة بالقذة مع أهل الجاهلية، ويطعنون في حكمة الله جل في علاه، وفي خلقه، وفي قدره، وفي أمره، وفي نهيه، وفي شرعه.
فكثير من العامة يقدحون في قدر الله أو في تكوين الله جل في علاه، فتراهم إذا ابتلي الرجل الصالح بالأمراض والبلاء يقولون: هذا الرجل من الصلاح بمكان ولا يستحق هذا البلاء، ولو نزل البلاء على غيره من الفسقة لكان أولى، وهذا قدح في حكمة الله جل في علاه.
وأشهر من ذلك ما اشتهر على ألسنة العامة أنهم يقولون: لماذا هذه الأرزاق تنزل على بعض الناس، وهم في نظرهم أنهم لا يستحقون، فهذا أيضاً قدح في حكمة الله جل في علاه.
وهناك طائفة أخرى من الحسدة والحقدة كما فعل إبليس، فالحسد أصله قدح في حكمة الله؛ لأن الحاسد عندما ينظر إلى المحسود يقول: هذا لا يستحق أن يتعلم، وهذا لا يستحق أن يكون أميراً، وهذا لا يستحق أن يكون وزيراً، وكأنه بلسان حاله يقول لله جل في علاه: كيف تمكن لمثل هذا وهو لا يستحق أن تمكن له؟! والله جل في علاه يرد عليهم ويقول: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام:53].