لقد أناط الله جل في علاه صدق الإيمان بأمور ثلاثة: الأمر الأول: بتحكيم رسول الله وسنته عند الخلاف، قال الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء:65]، فكل تنازع وشجار وخلاف لا يمكن أن تصل به إلى رضا الله حتى ترده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل تنازع لا بد فيه من حكمه صلى الله عليه وسلم.
الأمر الثاني: عدم الخروج من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا} [النساء:65] أي: أنك لا تجد في نفسك حرجاً من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تجد فيه أي غضاضة؛ فإن الكثير من الناس إذا قلت لهم: هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم تشمئز قلوبهم، ولو قلت: قال مالك، أو قال الشافعي، أو قال أبو حنيفة فإنه يسر لذلك، ولا يسمع منك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن هؤلاء الأئمة العظام الأماجد الأكارم قد قدموا رسول الله على أنفسهم، بل وقدموه على الدنيا بأسرها.
الأمر الثالث: التسليم لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]، ولو انتفت الثالثة انتفت الباقيات، فهي محض الإسلام والاستسلام لله جل في علاه، ومحض الانقياد والإذعان لأمره عز وجل.