لقد اعتقد أهل الجاهلية اعتقادات باطلة ذمها الله جل في علاه في كتابه, وذمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سنته, وحذر أمته منها, وقد فشت في هذه العصور, فلزاما علينا أن ننبه عليها ألا وهي: الاستسقاء بالأنواء, أو الاستسقاء بالنجوم, أو الاعتقاد في النجوم.
وقد كان أهل الجاهلية أهل فلك، فيرون أن للقمر ثمان وعشرين منزلة، وأن النجم إذا سقط من المغرب وطلع من المشرق فلا بد حتماً أن تهب الريح وأن ينزل المطر, ثم ينسبون ذلك إما للساقط أو للطالع, فيقولون: مطرنا بنوء كذا، والنوء: هو منزلة من منازل القمر, ومعنى مطرنا بنوء كذا أي: أسقانا النجم هذا المطر, فهذا نكران وجحود لنعم الله جل في علاه, وجحود لربوبيته.
وما أشبه اليوم بالبارحة: فأهل الكفر من أهل الكتاب يجحدون توحيد الله جل في علاه، وينسبون له الولد، ويتعبدون لله ويتقربون له بهذا, وأهل الجاهلية كفروا بنعم الله جل في علاه وجحدوا بها، ونسبوها لغيره جل في علاه، وجعلوا معه شركاء، بل جعلوا معه من الجمادات من يتصرف في الكون أشد من تصرف الله جل في علاه, فاعتقدوا أن النجم ينزل عليهم المطر، والغالب فيهم أنهم ينسبون المطر إلى النجم على التسبب لا على الخلق والإيجاد، وإنما على الطلب، فجاء الشرع بإبطال هذه العقيدة الخربة , لاسيما وأنهم جحدوا نعم الله؛ قال الله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل:14]، وقال الله تعالى: {أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل:71]، وقال أيضاً: {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل:72].
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون في الأنواء، وذم ذلك فقال: (أربع في أمتي لا يتركن الفخر بالأحساب, والطعن في الأنساب, والنياحة على الميت, والاستسقاء بالأنواء)، وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تدعها الأمة إلى يوم القيام).