نحن اليوم مع صفة من صفات الكمال والجلال لله جل في علاه، وقد قدح فيها أهل الجاهلية، ولا يزال الجاهليون الذين يعيشون في عصرنا يقدحون في هذه الصفة وهي: صفة الحكمة لله جل في علاه، وكما قلت: ما قدر الله قدراً إلا وفيه حكمة، وما أمر أمراً إلا وفيه حكمة، وما نهى عن شيء إلا وفيه حكمة، فالله جل في علاه ما خلق الخلق بأسرهم إلا لحكمة، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، فهذه حكمة بليغة جسيمة، وهي عبادة الله جل وعلا والتذلل والمسكنة والتضرع له جل في علاه.
وقال الله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة:36] أي: لا يؤمر ولا ينهى ولا يثاب ولا يعاقب على ما يفعل، لا والله لابد أن يعلم أن المآل والمرجع إلى الله جل في علاه؛ ليجازي الله جل في علاه من عمل صالحاً بإحسانه ومن أساء بما فعل، قال الله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس:4].
فالله جل في علاه من حكمته البالغة: أن خلق الخلق ليعبدوه، ثم الثواب والعقاب على ذلك.