إن التبرك بالصالحين على صورتين: الصورة الأولى: التبرك بأفعالهم ودعائهم, وهذا جائز باتفاق أهل السنة والجماعة، فيجوز للمرء أن يتبرك بأفعال الصالحين ودعائهم, فإذا رأيت ولياً صالحاًَ عابداً تقياً ورعاً زاهداً فإن لك أن تتبرك بأفعاله وبدعائه وبعلمه.
وتتبرك بأفعاله فتأتي به في بيتك وتجلس معه مجلساً فيه علم وتذكير بالله جل في علاه، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا مجلس فيه بركة, ومن بركة الصالح أنه دائماً يذكرك بالله, ويسمع أذنك بالآيات والأحاديث, ويحرك قلبك بالإيمان بالله جل في علاه, فهذا تبرك بأفعاله.
وأيضاً تتبرك بدعائه، والدليل على ذلك حديث عكاشة بن محصن رضي الله عنه وأرضاه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب، فقال عكاشة بن محصن: يا رسول الله! ادعو الله أن أكون منهم, قال: أنت منهم) فهذا يدل على أن للمرء أن يتبرك بدعاء الصالحين، وهناك حديث ظاهر جلي على ذلك وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن أويس القرني أفضل التابعين، وأمر من يلقاه أن يطلب منه أن يستغفر له, فجاء عمر بن الخطاب وقال: أنت أويس القرني؟ قال: نعم.
قال: من مراد؟ قال: نعم، قال وكان بك برص ثم شفيت منه إلا موضع الدرهم؟ قال: نعم.
قال: استغفر لي، فعجب أويس كيف أستغفر لأمير المؤمنين؟! قال عمر: سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا.
فهذه بركة بدعاء الصالحين.