خامساً: إن الله تعالى سمّى الحيض أذى وما سواه فهو طهر فقال: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " (?)
فما كان طاهراً فكيف يُنجَس، وما كان طهراً فكيف يوجب وضوءاً؟.
فإن قيل: هذا المني طاهر ويوجب غسلاً؟
رد بأن خروج المني ليس هو سبب الغسل بل السبب في ذلك الشهوة البالغة المنتهى، ألا ترى أنه إذا ضعفت الشهوة لم توجب غسلاً وأوجبت وضوءاً بنزول المذي، ثم ألا ترى أن الإيلاج يوجب غسلاً ولا إنزال، فليست العبرة بنزول المني. ثم ألا ترى أن المرأة إذا رأت ما يرى الرجل ولم تر ماء لم يلزمها غسل فلابد من توفر الأمرين لقوله صلى الله عليه وسلم: "نعم إذا رأت الماء" كما أخرج ذلك البخاري في كتاب الغسل/ باب إذا احتلمت المرأة عن أم سلمة رضي الله عنها قال: "جاءت أم سليم امرأة طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال: نعم إذا رأت الماء".
سادساً: حديث أم عطية "كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً"يشهد لهذا المعنى فإذا
كن لا يعددن الصفرة والكدرة شيئاً فلأن لا يعددن الرطوبة شيئاً من باب أولى.
وقولها: لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً من الحيض، ولا تعد الصفرة والكدرة موجبة لشيء من غسل أو وضوء ولو كانت توجب وضوءاً لبينَّت ذلك.
سابعاً: إن جعل الرطوبة من نواقض الوضوء مع خلوه من الدليل يحرج النساء " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " (?)