قال أبو يَعقوب: «كُلَّما كان الوَقت بَيِّنًا عِندَها؛ تَعرِف ذلك قبل استِحاضَتها؛ فإنها لا تقصر عمَّا عَلِمَت أبدًا؛ كان أكثَرَ مِن عَشر، أو أقلَّ من ثلاث، وإنما جَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم لكلِّ امرأةٍ على حالها عِندَ استِحاضَتها: أن تَقعُد أيام أقرائها؛ لا أيام أقراء غَيرِها.
واختار قَومٌ من أهل العراق العَشر، فجَعَلوا ذلك أقصَى حَيض النِّساء كُلِّهنّ.
واختار عِدَّةٌ من أهل المدينَة، وعِدَّةٌ من عُلَماء أهل الحِجاز الخَمسَ عَشرة (?) يَومًا، فجَعَلوا ذلك أقصَى ما يكون من الحَيض، وهم أَولَى أن يُتَّبَعوا؛ لِمَا تَحقَّق عِندَ أهل العلم أن الحَيضَ يَكون كذلك.
وقال عَطاء: خَمسَةَ عَشَر، وسَعيد بن جُبَير: ثلاث عَشرَة.
فقَد استَيقَنَّا أن الحَيض يكون أكثَرَ من عَشرَة، فمن هاهنا قال ابن المبارَك: أوَأستطيع أن أرُدَّ حَيضَ امرأةٍ لها أقراءٌ مَعروفَة؛ أكثر من عَشرَة؛ أن أرُدَّها إلى عشر. وإنما قال عبدُالله في العَشر -في بَعض ما قال- كَمَعنَى ما قال أنس بن مالك؛ لمن لم تعرف الأقراء، وقد قال عبدُالله بالثلاث للبِكر التي لم تَعرف وَقتَ الحَيض: إن أوثَقَ عِندي في نَفسي أن تَجلِس البِكر ثلاثًا. وإنما أمَرَها بثلاثٍ للاحتياط.
وقال بَعض أهل العِلم: أرَى للبِكر ألَّا تَجلِس إذا استَمَرَّ بها الدم في أوَّل ما تَرَى -[362]- إلا يَومًا واحِدًا؛ لأن مِن العُلَماء مَنْ رأى الحَيضَ يَومًا.
فالأخذ بالثقة لهذه التي رَأتِ الدم أوَّلًا، واستَمَرَّ بها الدم؛ أَولَى وأحوَط، وليس ما قال بِبَيِّن».