قال أبو يَعقوب: «ولا تكون المستَحاضَة حائضا أبدًا، وسَمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم مُستَحاضَة، وبَيَّنَ لها الأيام كما بَيَّنَ للحائض الطَّهارَة من الدَّم، وهي أن تَقعُد قَدرَ أيام حَيضِها مِن أيام استِحاضَتها؛ لا تَصوم ولا تُصَلِّي، فإذا كان أقراؤها مُتفاوِتًا؛ كان الاحتِياط لها أولَى عِندَ أهل العِلم، إذا لم يَكُن عِندَها يَقين، وجَهِلَت ما بَيَّن لها النبي صلى الله عليه وسلم من أيام الأقراء، فلا تَعلَم على أيِّ وقتها مَعنَى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيام أقرائها»».
قال أبو يَعقوب: «والنِّساء في أيام أقرائهن يَحِضنَ في أوَّل الشَّهر مَرَّة، وفي أوسَطِه مَرَّةً أُخرَى، وفي آخِر الشَّهر كذلك؛ يَنتَقِلنَ في الشُّهور على ما وَصَفنا؛ لا يَقدِر عالِمٌ أن يُنكِر ما وَصَفنا من انتِقالِهنَّ، وهُنَّ مُؤتَمناتٌ مُصَدَّقاتٌ على ما أخبَرنَ عن أنفُسِهنَّ، ما لم يُعلَم أنهنَّ قُلنَ ما لا تَحيض النِّساء في مِثله، وأمرُهُنَّ في الاستِحاضَة كأمرِهِنَّ في الحَيض؛ إذا ادَّعين من ذلك ما يكون من النِّساء، مع أن المعلوم من النِّساء لا يَبلُغنَ العشر (?)».
وقال أبو يَعقوب: «وقال بَعض أهل العِلم: إن مَعنَى قول أنس بن مالك -وإن لم يَكُن في الإسناد؛ لِمَا ضَعَّفه حَمَّاد بن زَيد وغيرُه-، أنه جَعَلَ الغالِب من أقراء الحَيض: دون العَشر، وصَيَّرَها مُستَحاضَةً بَعدَ العَشر، ولم يَجعَل أنس أقصَى الحَيض شَهرًا (?)، ولكن جَعَلَ ذلك اختيارًا؛ على مَعنَى الاحتياط، وليس في حديث الجَلد -في ضَعفِه- ألَّا يكون الحَيض أكثَرَ من العَشر، وأحسَنُ الناس سياقَةً لألفاظ الحديث: -[361]- إسماعيل بن عُليَّة؛ فذَكَر في حديث الجَلد: «تَغتَسِل وتَصوم بَعدَ العَشر»، ولم يَقُل: إنها بَعد العَشر غَيرُ حائض، ولا حائض».