ولو ادعى صبي على رجل أنه استهلك له عروضا، أو قتل له دابة، أو عبدا، وأقام على ذلك شاهدا واحدا، لكان على حقه إذا بلغ، وهذا قول أشهب، وأحد قولي ابن القاسم، ورواية مطرف، وابن الماجشون عن ذلك، ومذهب الشافعي، والأوزاعي من فقهاء الأمصار.
ودليلهم على ذلك من طريق الأثر: الحديث الصحيح، من رواية أبي هريرة، خرجه البخاري وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من قتل له قتيل، فهو بخير النظرين: إنا أن يؤدي، وإما أن يقاد "، وما روي عنه، صلى الله عليه وسلم، من أنه قال: " من قتل له قتيل، فهو بخير النظرين: أن يعقل، أو يعفو، ويأخذ الدية.
ومن طريق النظر: أن على القاتل استحياء نفسه بماله، فإذا لم يفعل ما عليه من ذلك أخذ به وإن ؤكره، وقال مالك، رحمه الله،: تؤخذ الدية منه وإن كره، لأنه لا يدرأ عن ماله، إذا لا انتفاع له بماله إذا قتل.
(2) ومن ذهب إلى أنه ليس له أن يأخذ الدية من القاتل إلا برضاه، وهو قول مالك في رواية ابن القاسم عنه، وقول جماعة من أصحابه، وأحد قولي ابن القاسم، فالقياس، أيضا على مذهبهم انتظار البنين الصغار حتى يبلغوا؛ إذ هم أحق بالقود، والعفو، وبمصالحة القاتل من العصبة، قياسا، أيضا على ما أجمعوا عليه في الحقوق، إلا أنهم رأوا، استحسانا، على غير قياس، ما أتت به الروايات عنهم من ألا ينتظر الصغار إلا أن يقرب بلوغهم. هذا معنى قولهم، إذ لا يجب