ومن ذلك - أعزك الله - ما جرى به الرسم في القضاء لمن أثبت حقا على غائب، أو ميت أو محجور، وشبهه من إحلافه يمين الاستبراء المعلومة، وهي موضوعة على تقدير دعاوى المحكوم عليه لو كان حاضرا، أو تسويغ حججه، فإذا حلف حكم للقائم بما أثبته.

وقد يكون بين وقت الحكم له وبين تأتي القبض مدة طويلة من جميع مال المحكوم عليه، أو بيع عقاره، أو المخاصمة فيما ثبت له من ديون، وتقدير الدعاوى في هذه المدة ممكنة، وفرض حجج المحكوم عليه سائغة غير مستحيلة ولا ممتنعة، كحالها أولا من إسقاط الدين المذكور، أو توجيه الغائب إليه به، كما لو كان حاضرا، فقام المطلوب بحجة من تلك الحجج، فلزم المدعى عليه بها، الذي هو الطالب، اليمين عليها، فحلف، ثم كسرنا مال المطلوب، وبعنا ربعه، وطال الأمد في ذلك، فقام المطلوب حينئذ يدعي أنه قضى خصمه أثناء ذلك من وجه وجهه، أو أن الطالب وهبه، أو أخذه، أو استحال بدينه، لكانت دعوى توجب اليمين.

فإن اتبعنا القياس في المسألة الأولى لم يكن فرق، ووجب تجديد اليمين حين قبض الدين، والناس على خلافه، فما وجه هذا عندك؟.

وكيف إن كان الدين، الذي ثبت، لغائب، نجوما، فأحلف يمين الاستبراء عند قيامه لأول نجم، هل يلزمه تكرار اليمين للنجم الآخر؛ لأنه إنما حلف أولا لما اقتضاه وحاز، أم تجزئة اليمين الأولى للجميع كما قالوا، فيمن حلف مع شاهده في حق، ثم ظهر أن له في شهادة ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015