اليك من ربك، وان لم تفعل فما بلغت رسالاته "
[سورة المائدة الآية: 67]
فلما علمنا يقينا أنه صلى الله عليه وسلم لم يدع الناس إلى الاستدلال بالاعراض وتعلقها بالجواهر ولا أن أحدا من أصحابه تكلم بذلك، اذ لم يرو عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن واحد منهم كلمة واحدة، فما فوقها من هذا النمط من الكلام من طريق تواتر ولا آحاد من وجه صحيح ولا سقيم علم، صلى الله عليه وسلم وهم، رضي الله عنهم، عدلوا عنه إلى ما هو أولى وأبين واجلى وأقرب إلى الافهام؛ لسبقه اليها بأوائل العقول وبدائلها وهو ما أمر الله به من الاعتبار بمخلوقاته، في غير ما آية من كتابه اذ لم يمت صلى الله عليه وسلم حتى بين للناس ما نزل اليهم وبلغ اليهم ما أمرببيانه اليهم وتبليغه اليهم فقال صلى الله عليه وسلم في خطبة الوادع، وفي مقامات له شتى، بحضرة عامة أصحابه: الا هل بلغت، فكان الذي أنزل الله من الوحي، وأمر بتبليغه هو كمال الدين وتمامه، لقوله تعالى:
{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} [سورة المائدة الآية: 3]
فلا حاجة لأحد في اثبات التوحيد، وما يجب له من الصفات، ويجوز عليه منها ويستحيل وصفه بها إلى سوى ما أنزله الله في كتابه، وبينه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الآيات التي نبه عليها، وأمر بالاعتبار بها من ذلك قوله عزو جل: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} [سورة الذاريات الآية: 21]