يصح لها أن تفتي بالاجتهاد، فيما لا تعلم فيه نصا، من قول مالك، أو قول غيره من أصحابه، وقد بانت لها صحته، إذ ليست ممن كمل لها آلات الاجتهاد، التي يصح لها بها قياس الفروع على الأصول.
[3]
وأما الثالثة فهي التي تصح لها الفتوى عموما بالاجتهاد والقياس على الأصول، التي هي الكتاب وا السنة، وإجماع الأمة بالمعنى الجامع بينها وبين النازلة، أو على ما قيس عليها إن عدم القياس عليها، أو على ما قيس على ما قيس عليها، إن عدم القياس عليها. وعلى ما قيس عليها.
ومن القياس جلي وخفي، لأن المعنى، الذي يجمع بين الفرع والأصل، قد يعلم قطعا بدليل قاطع، لا يحتمل التأويل، وهو على وجوه، وقد يعلم بالاستدلال، فلا يوجب إلا غلبة الظن وهو أيضا على وجوه، ولا يرجع إلى القياس الخفي إلا بعد عدم الجلي، وهذا كله يتفاوت العلماء في التحقيق بالمعرفة به، تفاوتا بعيدا، وتفترق أحوالهم، أيضا، في جودة الفهم لذلك، وحدة الذهن فيه، افتراقا بعيدا؛ إذ ليس العلم، الذي هو الفقه في الدين، بكثرة الرواية، والحفظ، وإنما هو نور يضعه الله حيث يشاء، فمن اعتقد في نفسه أنه ممن تصح له الفتوى، بما آتاه الله عز وجل من ذلك النور المركب على المحفوظ المعلوم، جاز له، إن استفتي، أن يفتي، وإذا اعتقد الناس ذلك فيه، جاز أن يستفتى، فمن الحظ للرجل ألا يفتي حتى يرى نفسه أهلا لذلك،