دامت الشريعة لازمة الخطاب للأمة، فلا بد لها من إمام، وفي عصرنا جماعة، منهم الفقيه الأجل، أبو الوليد ابن رشد، أدام الله توفيقه، في أقطارنا هذه، فهو إمام الوقت، والحجة على المستفتين، وتفرق المجلس.
فالرغبة إليه - أعلى الله كلمته الحق بلسانه، وميز رجحانها في ميزانه - أن يبين لنا ما في المجلس المذكور من الغلط إن كان، وهل هو جار على أصول مذهب مالك، رحمه الله، أو لا؟
وتمام ذلك: أن تذكر لنا صفة المفتي، الذي ينبغي أن يكون عليها في عصرنا هذا، وعلى طريقة أصول المذهب.
وبالجملة، بين لنا ما هو اللازم في مذهب مالك لمن أراد، وقتنا، أن يكون مفتيا بمذهب مالك، وكيف الحكم في القاضي، إذا كان ملتزما للمذهب المالكي، وليس في قطره من نال درجة الفتوى، ولا هو في نفسه أهل للفتوى، هل تمضي أحكامه، وفتاويهم على الإطلاق، أو ترد على الإطلاق، أو يختلف الجواب وينقسم؟ وكيف الحكم إن رفع أمره إلى الوالي الأعلى، في قطر من الأقطار الصغار، التي لا تشتمل على مُبَرَّر في الفتوى أن من فيه من الحاكم والفقهاء بالصفة المذكور، هل يقبل قوله، وينظر في كشف ما قاله، أو يرد قوله، ولا يلتفت إليه؟
بين لنا، بطولك، ذلك مأجورا مشكورا، إن شاء الله تعالى.
فأجاب - أمتع الله المسلمين ببقائه، وزاد في رفعته وعلائه - بما هذا نصه: تصفحت أرشدنا الله وإياك إلى الصواب، برحمته - جميع ما سألت عنه، ووقفت على ما استفتحت به السؤال من أن جماعة ممن ينتسب إلى العلوم، ويتميز عن جملة العوام بالمحفوظ والمفهوم، تذاكروا شأن الفتوى والمفتي، فاختلفوا في معنى الفتوى، وفي صفة المفتي.