محظورة إظهار الأحكام الشرعية، بالانتزاع من الكتاب والسنة، والإجماع والقياس.

والفائز بهذه الرتبة هو الفقيه النظار، وليست الفتوى بالفقه المشهور، ولكنها ثمرة معرفة الفقه. فأما الحافظ الذاكر لما في أمهات مسائل مذهبه من الأحكام الشرعية، فهو الفقيه المقلد، وقد اختلف العلماء في جواز فتواه، وذلك بشرط أن يكون له من الذكاء، والفطنة، وسلامة القريحة، ما يميز به، فيما هو موجود في أمهات مسائل مذهبه، بين ما هو من المذهب، وما ليس من المذهب، ويميز به، في المذهب بين ما هو مجمل، وما هو مفسر، ويميز، في الروايات، بين ما هو خلاف قول، وما هو خلاف حال، وما هو خلاف لفظ، وبين ما ينبني من الروايات، وما لا ينبني. بالجملة: فالمقصود أن يحصل عنده أصل المذهب منقولا بوجه صحيح، وأن يحصل له، في كل ما له أن يفتي به من المذهب، يقين أو ظن غالب.

فإذا نزلت نازلة، وأفتى من هذه صفته، بما وجد في كتب مذهبه، من مذهبه، بالفتوى التي هو عالم بأنها هي المشتملة على حكم النازلة، بعلم قاطع، أو ظن غالب، لم ينتزع ذلك من الكتاب ولا في السنة، ولا من الإجماع، ولا من الاعتبار، فتلك الفتوى هي فتوى التقليد، وذلك المفتي هو الفقيه المقلد، والذي في حفظي على مذهب مالك، رحمه الله: أنه تجوز فتواه على الإطلاق، وبه قال جمهور العلماء، خلافا لأحمد بن حنبل، ومن أخذ بقوله.

ولابد للرجلين - نعني: النظار، والمقلد - من الورع في فتواه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015