النصرانية، مع ما هو عليه من إظهار الإسلام، وكثر سماع ذلك منه، ورفع إلى السلطان من أمره ما أوجب الكشف عن حاله، ففتشت داره، فألقي فيها بيت يشبه الكنيسة، فيه حنية إلى جهة الشرق، وهي أضيق من سعة البيت، وليس في الحنية دكان سرير، وفيها قنديل معلق، وآثار كثيرة، ألصقت فيها شموع، وألقي في مسكنه كتب بخطوط النصارى، وشموع كثيرة، ولوح على أربع قوائم على شبه المحمل، وعصا على رأسها عود مصلب، والعود فيه قدر الشبر أو أكثر من ذلك، وأقراص صغار من العجين قد جففت، وفي كل واحدة منها طابع.

وشهد شاهد ممن يعرف أحوال النصارى، وأمور شرعهم، بأن الشموع المذكورة مما يتقرب بها النصارى، ويهدونها إلى قُسُسِهِمْ، ليوقدوها في متعبدهم، وأن اللوح، الذي على أربع قوائم، مما يضع عليه قسيس النصارى والإنجيل، حين قراءته إياه، وأن العصا، التي على رأسها عود مصلب مما يتوكأ عليها وقت قيامه لقراءة الإنجيل، وأن الأقراص المذكورة قربان النصارى الذين يتقربون به عند تمام صومهم، وأنها لا تكون إلا عند أئمتهم.

فهل ترى - أدام الله توفيقك - أن تكون هذه الأشياء المذكورة التي ألقيت في مسكن هذا الرجل، مع ما سمع عنه من إظهار الإسلام، وإخفاء دين النصرانية، دلائل يقضى بها على زندقته، إذ كان يظهر الإسلام، حتى عثر منه على ما تقدم ذكره، ويحكم عليه بما يحكم به على الزنديق، أم لا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015