من ذلك، وقال: لا يجري ماؤك عليَّ؛ إذ لم يكن يجري قبل، فزعم هذا أنه كان يجري، ووقف على داره ببينة عدلة من أهل المعرفة، فشهدوا: أن لا مجرى لماء المطر منها إلا على الزقاق المذكور. وأن ماء المطر المذكور لابد من خروجه من الدار المذكورة.

فزعم خصمه أن الدار قبل أن يبنيها قليلة السقف، قل ما يجتمع فيها من الأمطار، وذلك القليل يجري في المطمر المذكور، ويحمله، وتسفه أرض الدار المذكورة، وأما على باب الدار فلم يجر قط، وأنه لما بناها الآن، أحدث فيها سقفا كثيرة، ومساكن يجتمع فيها مياه المطر، وسطح باقيها، فكثر الماء، ولا يحمله المطمر المذكور، فلذلك احتاج إلى خروجه من باب الدار من حيث يمكنه، ومانَعَهُ من إجرائه على باب الدار، إلى الزقاق، لكون ما يجتمع هناك يشق داره، ولا طريق له سواه.

فهل ترى له متكلما، أعزك الله؛ لهذا الذي ذكره من جمع الماء بسبب البنيان، إن ثبتت شهادة أهل البصر المذكورة في هذا، أو قامت لصاحب الدار الجديدة بينة، أن ماء داره قبل بنيانه كان يخرج على بابها إلى الزقاق، أم لا حجة له، إذ الماء النازل في الدار على حد واحد قبل البناء وبعده، ولابد لكل بقعة من حق ومرتفق لِخُروج مياهها الضرورية، ولا يمنع صاحب البقعة من التصرف فيها بما لا مضرة فيه على غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015