ساق الترمذي حديث صفوان بن أمية قال: "أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لأبغض الخلق إلي فما زال يعطيني حتى إنه أحب الخلق إلي" 1.
ثم قال: "وقد اختلف أهل العلم في إعطاء المؤلفة قلوبهم، فرأى أكثر أهل العلم أن لا يعطوا وقالوا إنما كانوا قوما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يتألفهم على الإسلام حتى أسلموا، ولم يروا أن يعطوا اليوم من الزكاة على مثل هذا المعنى".
وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة وغيرهم، وبه يقول أحمد2 وإسحاق".
وقال بعضهم: "من كان اليوم على مثل حال هؤلاء ورأى الإمام أن يتألفهم على الإسلام فأعطاهم جاز ذلك وهو قول الشافعي3".
وقال النووي في أثناء شرحه لحديث صفوان وما ورد في معناه: "وفي هذا مع ما بعده إعطاء المؤلفة، ولا خلاف في إعطاء مؤلفة المسلمين، لكن هل يعطون من الزكاة؟
فيه خلاف، والأصح عندنا أنهم يعطون من الزكاة ومن بيت المال".
والثاني: "لا يعطون من الزكاة، بل من بيت المال خاصة، وأما مؤلفة الكفار فلا يعطون من الزكاة، وفي إعطائهم من غيرها خلاف، الأصح عندنا لا يعطون، لأن الله تعالى قد أعز الإسلام عن التألف، بخلاف أول الأمر، ووقت قلة المسلمين4".إهـ".
والظاهر في هذا هو جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة ومن غيرها سواء أكانوا مسلمين أم كافرين، لأن الله تعالى قال: {وَالمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُم} والآية عامة وهي أصل في جواز إعطاء المؤلفة من الزكاة ولم تخصص مسلما من غيره، وهي محكمة غير منسوخة". وأما إعطاء مؤلفة الكفار من بيت المال من خمس الخمس أو نحوه فذلك زيادة لهم على إعطائهم من الزكاة".