جاء في حديث المسور ومروان: "فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده ... وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه"1.
قال ابن حجر عند هذه القصة: "جواز التبرك بفضلات الصالحين الطاهرة"2.
قلت: قد تطرق الشاطبي لهذه القضية وذكر كلاما ًجيداً بين فيه إجماع الصحابة على ترك هذا الأمر: ووجه ذلك:
فقد ذكر الشاطبي ما في حديث المسور ومروان هذا، وأحاديث أخرى تماثله ثم قال: فالظاهر في مثل هذا النوع أن يكون مشروعاً في حق من ثبت ولايته واتباعه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يتبرك بفضل وضوءه ويتدلك بنخامته ويستشفى بآثاره كلها، ويرجى نحو مما كان في آثار المتبوع الأصل3 صلى الله عليه وسلم إلا أنه قد عارضنا في ذلك أصل مقطوع به في متنه مشكل في تنزيله، وهو أن الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه السلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه إذ لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه فهو كان خليفته ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله عنه وهو كان أفضل الأمة بعده ثم كذلك عثمان ثم علي، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركاً تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها، بل اقتصروا على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذاً إجماع منهم على ترك تلك الأشياء.
وبقي النظر في وجه ترك ما تركوا منه، ويحتمل وجهين:
أحدهما: أن يعتقدوا فيه الاختصاص وأن مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله