وذهب قوم إلى جواز الهدنة أكثر من عشر سنين على ما يراه الإمام من المصلحة وهو قول أبي حنيفة1.
وحكى ابن قدامة عن أبي الخطاب أنه ظاهر كلام أحمد2.
وقالوا: "إن العام مخصوص بالعشر بمعنى موجود فيما زاد عليها، وهو أن المصلحة قد تكون في الصلح أكثر منها في الحرب"3.
وقيل: لا تتجاوز الهدنة أربع سنين4.
ولعل هؤلاء تمسكوا بحديث ابن عمر أن مدة الصلح كانت أربع سنين، وهو ضعيف5.
وقيل: لا تتجاوز ثلاث سنين6.
وهؤلاء نظروا إلى أن المدة التي استمر فيها الصلح مع قريش.
والتحقيق: أن القول الأول هو الراجح لظاهر الحديث، وإن وجدت مصلحة في الزيادة على العشر جدد العقد، كما قال الشافعي، والله أعلم.
وقال بعض المتأخرين:7 يجوز عقد الصلح مؤبد غير مؤقت بمدة معينة.
واستدل بقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} 8.
وهذا القول مبني على أن الأصل في علاقة المسلمين بالكفار هي السلم لا الحرب9، وأن الجهاد إنما شرع لمجرد الدفاع عن المسلمين فحسب10.
وهذا القول مردود لما يلي: