أما تلك الروايات التي صيغت بأسلوب ركيك واستعملت ألفاظاً غريبة على ألفاظ النبوة، فقد اهتم المحدثون بنقدها بناءً على معايشتهم لأسلوب الحديث النبوي، وهو أسلوب جامع مانع متميز، ولكن النقاد راعوا في هذه الحالة جواز الرواية بالمعنى بشروطها المحددة، فاحتاطوا كثيراً؛ خوفاً من رد حديث صحيح بسبب وقوع الإدراج في الحديث، وفي الحالتين ينبغي تمييز كلام النبي صلى الله عليه وسلم وعدم رد الحديث برمته.
اشتراط تملك حق الرواية:
لم يجز المحدثون الرواية لأحد إلا إذا تملك حق الرواية، وهو حق لا يناله إلا من تحمل العلم بطريقة معترف بها وهي السماع على الشيخ أو القراءة عليه أو الإجازة أو المناولة أو الوجادة. ومراتب التحمل هذه تتفاوت في قوتها حسب تسلسل ذكرها. ولا شك أن الضرورة هي التي اقتضت الاعتراف بـ"الوجادة" وهي الأخذ من نسخة أو كتاب صحيح موثق بالسماعات أو مشهور بين أهل العلم. فكثرة الكتب المؤلفة وتعدد النسخ وصعوبة تلقيها بالسماع والقراءة "العرض". ولولا هذه المرونة في التعامل مع المنهج لتعطلت المؤلفات. وقد اعترف ابن الصلاح بأن الوجادة هي الطريقة الغالبة على تلقِّي العلم في عصره لتعذر الرواية الشفهية (?) .
ولقد عدَّ منهج البحث الحديث النص المكتوب أساساً لتلقي العلم وشكك في المصادر الشفهية، وعدَّ الملاحظة هي البداية الصحيحة لكل بحث علمي وعرَّفها بأنها: "مشاهدة دقيقة لظاهرة ما"، مع الاستعانة بأساليب