فروع النقد وعلوم الحديث وعلم أصول الفقه، وبالجملة فإن النقاد سعوا منذ وقت مبكر إلى التوفيق بين النصوص التي ظاهرها الاختلاف والتعارض فالجمع بين الروايات الصحيحة والعمل بها أولى من إسقاط بعضها.

وهكذا ظهرت المؤلفات في معرفة مختلف الحديث، وهي تلجأ للتوفيق إما بإثبات أن التعارض في الظاهر فقط وأن بينها عموماً وخصوصاً أو الحمل على النسخ أو الترجيح بينهما بمرجح.

وربما كان كتاب تأويل مختلف الحديث للشافعي هو أقدم المصنفات في هذا الفن ثم أعقبه ابن قتيبة والآخرون. وقد تتم محاكمة المتن ونقده بالعرض على الوقائع التاريخية الثابتة فإذا عارضها رفض المتن (?) ، أو بالعرض على قواعد الشريعة العامة وأصولها الثابتة المحكمة، فإذا خالفها بانت نكارته لأن كلام الله ورسوله لا يُناقض بعضه بعضاً، كما أن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يخلو من المجازفات والمبالغات في قياس الأقوال والأعمال، وقواعد الشريعة تقبلها العقول السليمة وترتاح لها النفوس المستقيمة والأمزجة المعتدلة؛ لأنها قواعد عادلة ومعتدلة، أو إن كانت المتون مخالفة لسنن الطبيعة ولقوانين الاجتماع مما يستحيل وقوعه أو ينكر العقل الصحيح وقوعه للناس العاديين فإنهم رفضوها. أما الأنبياء فيجب خرق العادة لهم في المعجزات التي نقلت بالتواتر، وكذلك بالنسبة لكرامات الأولياء. وهذا الجانب لا يتقبله منهج البحث الغربي الحديث؛ لأنه يرتكز إلى فلسفة مادية لا تؤمن إلا بالمحسوس فهي ترفض عالم الغيب برمّته. وهذا فرق أساسي بين المنهجين، ولعل هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015