قَالَ وَهَذِه الطَّرِيقَة على اتخاذها يهدم أصُول الْمُعْتَزلَة فِي التحسين والتقبيح
وَإِذا تناقصت هَذِه الْأُصُول وَقَوْلهمْ فِي الصّلاح وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب وَغَيرهَا مِنْهَا فتحسم عَلَيْهِم أَبْوَاب الْكَلَام فِي التَّعْدِيل والتجويز
قلت يَعْنِي فِي جَمِيع مَا حكمُوا فِيهِ الْعقل من التحسين والتقبيح وَمَا بنوا على ذَلِك من وجوب الصّلاح والإصلاح واللطف والتعويض على الآلام على الله تَعَالَى ومنشعب من ذَلِك مَذْهَب أهل التناسخ
قَالَ فَيُقَال لَهُم لم ادعيتم الْعلم الضَّرُورِيّ بالْحسنِ والقبح مَعَ علمكُم بِأَن مخالفيكم طبقوا وَجه الأَرْض وَأَقل شرذمة مِنْهُم يربون على عدد التَّوَاتُر وَلَا يسوع اخْتِصَاص طَائِفَة من الْعُقَلَاء بِضَرْب من الْعُلُوم الضرورية دون بعض مَعَ اسْتِوَاء الْجَمِيع فِي مداركها
قَالَ وَمِمَّا يُوضح الْحق فِي دربهم عَن دَعْوَى الضَّرُورَة أَن الَّذِي ادعوهُ قبيحا على البديهة قد أطبق مخالفوهم على تجويزه وَاقعا من أَفعَال الله تَعَالَى مَعَ الْقطع بِكَوْنِهِ حسنا فَإِنَّهُم قَالُوا الرب تَعَالَى أَن يؤلم عبدا من عبيده من غير اسْتِحْقَاق وَلَا تعويض على الْأَلَم وَمن غير جلب نفع وَدفع ضَرَر موقنين على الْأَلَم
ثمَّ كَمَا قطعُوا بتجويز ذَلِك فِي أَحْكَام الله تَعَالَى قطعُوا بِأَنَّهُ لَو وَقع لَكَانَ حسنا وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَى دَفعه وَفِيه فرض تَحْسِين فِي الصُّورَة الَّتِي ادّعى الْمُعْتَزلَة الْعلم الضَّرُورِيّ بالقبح فِيهَا
قَالَ وَرُبمَا بِالرُّجُوعِ إِلَى الْعَادَات وَيَقُولُونَ الْعُقَلَاء يستحسنون الْإِحْسَان وإنقاذ الغرقى وتخليص الهلكى ويستقبحون الظُّلم والعدوان وَأَن لم يخْطر لَهُم السّمع