عَنْهُم أَجْمَعِينَ مَعَ مَا شهد بِهِ الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام قبل ذَلِك بِزَمَانِهِ أَنه من الْأَوْتَاد وَذَلِكَ فِي قصيدة مَشْهُورَة رويناها فِي رِسَالَة الإِمَام الْقشيرِي الْمَشْهُورَة
قلت وَفِي قرب الْأَشْيَاء من الْوُقُوع بسوق الْقدر وَبعدهَا عَنهُ إِذا لم يقدر أحسن الْقَائِل الآخر
(الْجد أنهض بالفتى من عقله ... فانهض بجدك فِي الْحَوَادِث أَو ذَر)
(مَا أقرب الْأَشْيَاء حِين تسوقها ... قدر وأبعدها إِذا لم تقدر)
وَلما كتب هَذَا الْمَذْكُور جمع فِيهِ بَين الْجد والمقدور خطر لي أَن أنْشد فِي ذَلِك وَأَقُول
(أتظن جدك للفوائت لاحقا ... وشريف عزمك للسوابق سَابِقًا)
(وَحميد رَأْيك للحوادث قائدا ... ثمَّ التَّمَنِّي للأماني سائقا)
(هَيْهَات كل للمرام مُخَالف ... لحكم حق لَا يزَال مُوَافقا)
(كل أبي ينقاد غير الْقَائِد ... مَقْدُور خلاق تبَارك خَالِقًا)
قلت وَهَذِه الأبيات كالمعارضة للبيت الأول مِنْهُمَا فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ حسنا وَلَكِن على إِيجَابه الروحاني الأول ثمَّ إِيجَاب الروحاني مَا دونه هَل هَذَا إِلَّا بِحكم لَا معدول لَهُ ثمَّ تكلم مَعَهم فِي الطبائع واجتماع العناصر وَاسْتدلَّ على بطلَان مَذْهَبهم الْمَقْطُوع بِكُفْرِهِ بِمَا لَا حَاجَة إِلَى ذكره إِذْ كفرهم ظَاهر لَا يحْتَاج إِلَى نظر ثمَّ انْتقل إِلَى الْكَلَام فِي الِاسْتِدْلَال على بطلَان التحسين والتقبيح العقليين وَقَالَ فِي أثْنَاء ذَلِك وسبيلنا أَن نوجز عَلَيْهِم القَوْل فَنَقُول مَا ادعيتم حسنه أَو قبحه ضَرُورَة فَأنْتم فِيهِ منازعون وَعَن دعواكم مدفوعون وَإِذا بَطل ادِّعَاء الضَّرُورَة فِي الْأُصُول بَطل رد النظريات إِلَيْهَا